أصبحت أمراض الكبد هاجساً يلاحق الكثيرين، نظراً لعدم وجود الوعى الكامل بخطورة هذا المرض
وانتشاره بين شريحة كبيرة من المجتمع، نتيجة الممارسات الخاطئة التي تسبب انتقال فيروسات الكبد
“بي” و “سي”، وتنتقل في أغلب الأحيان عن طريق النقل الغير آمن للدم، أو عبر الاتصال الجنسى
وتتسبب في خلل شديد في إنزيمات الكبد يمكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى ظهور سرطان أو تليف بالكبد.
وتلقت الصفحة العلمية بشبكة الأخبار العربية “محيط” الكثير من التساؤلات من قرائها الأعزاء حول
هذا الموضوع، عقب عرضها لندوة عن أمراض الكبد للدكتور أحمد درة استاذ الجهاز الهضمي والكبد
بجامعة الأزهروتمحورت معظم التساؤلات حول معرفة أسباب انتقال الفيروسات الكبدية إلى جسم
الإنسان وطرق الوقاية منها، وعن الأطعمة التي من المفترض أن يتناولها مريض الكبد …
الالتهاب الكبدي وأنواعه
الالتهاب الكبدي الوبائي هو أحد أنواع الالتهابات التي تصيب الكبد ، وأشهر أنواعه A-B-C”"
وغالبا ما يكون الالتهاب محدود، أي يمكن للإنسان العيش والتعايش به، ولكن هناك بعض الحالات تتطور
لمراحل متقدمة من المرض وقد تؤدي لتليف بالكبد او التهاب مزمن، أو تنتهى في أخر مراحل المرض إلي
سرطان بالكبد.
فيروس ” A ”
يصف الأطباء فيروس “A ” بأنه أقل الأنواع ضرراً ومن الممكن أن يحدث في أي مكان في العالم ، وهو
ينتقل عن طريق الفم أي بالطعام او الشراب الملوث بالفيروس، وتبدأ أعراضه بضعف ووهن، ومن الممكن
أن يحدث اصفرار بالعين مع ميل للقئ، يصاحبه ألم بالبطن وتغير لون البول.. وإذا لم يتم العلاج تتطور الحالة
إلي التهاب بالكبد.
وتبلغ فترة حضانة المرض أسبوعين إلي شهر ونصف، ويتم التشخيص عن طريق الفحص الطبي وقياس انزيمات
الكبد والتي ترتفع معدلاتها، أو عبر تحديد الأجسام المضاده للفيروس.
أما عن طرق الوقاية من فيروس A، فتكون بالتوعية الصحية حول النظافة الشخصية مثل غسيل الأيدي قبل
الأكل وبعده والتخلص من المجاري بصورة صحية لمنع وصولها لأيادي الأطفال، والتأكد من سلامة مواسير
المياه المستخدمة للشرب، والتاكد من نظافة الطعام وغلي اللبن جيدا والتحكم في الذباب والحشرات الطائرة
والتي يمكن أن تنقل المرض.
وتوجد تطعيمات ضد الفيروس A وتعطى للجميع في المناطق الوبائية إذا انتشر المرض في مكان ما وأيضا
للذين يعيشون مع أشخاص مصابين بالمرض وللمسافرين إلي مناطق وبائية بهذا الفيروس، ويعطي أيضا للعاملين
في المطاعم وجميع المحلات الغذائية، كما يمكن للعاملين في المجال الطبي كالأطباء والممرضات أن يأخدوا
هذه الجرعات.
ويتم العلاج من الأعراض المرضية للفيروس كالغثيان والقئ والمغص واصفرار العين، عن طريق طبيب متخصص
ويفضل ملازمة الفراش لمدة من 3 ايام الي 6 ايام ، بالإضافة إلي ضرورة التطهير الكامل لجميع أدوات المريض
سواء المستخدمة في الطعام أو حتي المنشفة وما خلاف ذلك، وبذلك يشفي المريض تماما بعد شهر من بداية
الاعراض المرضية. وهذا النوع من الالتهاب الكبدي الوبائي لا يتحول أبدا إلي الحالة المزمنة، ويشفي المريض
منه تماما إذا تم العلاج الصحيح تحت اشراف طبي مناسب .
فيروس “B ”
يعتبر فيروس “B ” من أكثر أنواع فيروسات الكبد انتشارا بين البشر، حيث يقدر عدد المصابين بالفيروس
مالا يقل عن 300 مليون مصاب حول العالم، وينتقل عادة عن طريق النقل الغير صحي للدم، وعبر الاتصال
الجنسي، وقد ينتقل الفيروس من الأم إلى جنينها عند الولادة، لكن لم يثبت العلماء بعد إمكانية انتقال الفيروس
من الأم لطفلها، ومن الممكن أن ينتقل أيضا عند استخدام الشخص للأدوات الشخصية التي يستعملها المصاب
بالفيروس كأمواس الحلاقة وفرش الأسنان والأدوات المستخدمة عند طبيب الأسنان.
وتبلغ فترة حضانة فيروس B من شهرين إلي ثلاثة شهور، وأعراضه المرضية تبدأ بحمي خفيفة وقلة الشهية
للطعام وقئ وغثيان وألم بالبطن، وبعد ذلك تغيير في لون البول ثم اصفرار بالعين ، وقد يسلم المريض من
هذا الفيروس إذا سارع في عملية الفحص الطبي.. أما إذا تجاهل الشخص الإصابة فقد يتحول الفيروس إلى
الصورة المزمنة ويؤدي لتليف بالكبد، وأخيرا إلي سرطان بالكبد.
ويتم تشخيص الفيروس عن طريق الفحص الطبي والتحليل المعملي لتحديد الحالات المرضية بالفعل، والحالات
الحاملة للمرض والحالات المزمنة، ويتم الوقاية عبر تناول 3 تطعيمات ضد الفيروس بين كل جرعة
وأخري شهر، هذه التطعيمات تحمى من العدوي بنسبة 96% لمده 7 سنوات علي الأقل، ويتم إعطاؤها
في الغالب للعاملين في المجال الطبي والحالات التي تحتاج دائما لنقل الدم والمدمنين للحقن، وايضا للمحيطين
بأي حاله مرضية موجودة بالفعل .
ولزيادة التأكيد لابد أن يتابع مريض فيروس B الطبيب المعالج باستمرار لاحتمال نشاط الفيروس
الكامن في أي وقت.
فيروس “C”
وهو يتشابه مع الفيروس B في معظم الحالات، ولكنه ينتشر بصورة أكبر من فيروس B، وينتقل عادة
عن طريق نقل الدم، ولم يثبت العلماء حتي الآن أنه ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي، وفترة الحضانة للمرض
تكون من أسبوعين إلي 6 اشهر، وأعراضه تكون أخف بكثير من أعراض الفيروس B ولكنها متشابهه
كثيرا، ونادراً ما تصل إلي أخطر المراحل وهي تليف الكبد20% أو السرطان 5% .
وتعتبر مشكلة الكبد الرئيسية أنه من الأعضاء الصامتة التي لا تعبر عن مشكلتها بسهولة، لذا فالأطباء
ينصحون كل من يعاني هذه الأعراض الإسراع إلى الطبيب، ومحاولة الكشف وإجراء الفحوصات اللازمة
والتي قد تبين الإصابة.. علما بأن الفحوصات غير مكلفة وفي حال كان هناك إشارة إلى وجود المرض
فإنه من الضروري عمل فحوصات مخبرية تبين نشاط الفيروس في الدم عبر فحص “HBE – AJ ”
أو فحص ” BCRHBV-DNA” الذي يبين كمية الفيروس في الدم.
علاجات الكبد
وفيما يتعلق بالجديد في علاج أمراض الكبد وبالأخص فيروس “سي”، أكد الدكتور أحمد درة أستاذ الكبد
والجهاز الهضمى بجامعة الأزهر، أن فيروس “سي” لا يزال مشكلة تواجه الأطباء، حيث أنه لا يوجد أي عقار
يقضى على المرض تماما في الوقت الحالي، كما أن العلاج الكيماوي لا يقضى على المرض تماما، وإنما هو
علاج يؤدي الى السيطرة الجزئية على نشاط الفيروس بالجسم وهذا بأحسن التقديرات تصل نسبته
إلى 30 % من المرضى الذين تتم السيطرة على نشاط الفيروس في أجسامهم وليس القضاء عليه نهائيا.
وأضاف أن علاج ” الانترفيرون “ هو العلاج الرئيسي المستخدم في علاج هذا المرض، فهو علاج
كابت للمناعة ليس إلا، والأدوية الحديثة في الأسواق لا زالت عاجزة عن التعامل مع المرض، لكن الأطباء
يركزون في علاجهم لمرضى على الناحية الوقائية أكثر منه على الناحية العلاجية عبر التطعيم ضد فيروس.
أغذية مريض الكبد
اعتبرت الجمعية المصرية للدراسة المعدية وأمراض الكبد أن الغذاء المناسب لمرضى الكبد جزء من
العلاج تماماً مثل الدواء، وبصفة عامة طالما أن كفاءة الكبد معقولة، فلا يجب أن يتجنب المريض أى
طعام، أى أن الغذاء المناسب هو الذى يحتوى على كربوهيدرات وبروتينات ودهون ويحتوى على
الفيتامينات والمعادن المهمة، وطبعاً الامتناع عن شرب الكحوليات .
وبالنسبة للالتهاب الكبدى المزمن لا توجد موانع لأكل البروتينات ويجب تشجيع المرضى على أكل
البروتينات النباتية والحيوانية مع غذاء يحتوى على بقية العناصر الهامة.
وبالنسبة لمرضى الكبد بصفة عامة يجب الاهتمام بالسلطة الخضراء والخضار الغير كامل التسبيك
“نئ × نئ” والفاكهة، حيث أثبتت الأبحاث وجود مضادات الأكسدة فى هذه الأغذية والتى تساعد
الجسم على مقاومة أمراض الكبد، فالغذاء الذى يحتوى على كمية كبيرة من الخضروات والفاكهة
وقليل من الدهون يمكن أن يقلل من نسبة حدوث أورام بالكبد، كذلك يفضل استعمال زيت الزيتون
وذلك لعدم وجود فطريات به والتى قد تفرز مادة الأفلاتوكسين والتى قد تساعد على حدوث الأورام الكبدية.
وتحذر الجمعية مرضى الكبد بعدم تناول الأغذية والأطباق التى تستعمل فيها طرق طهى لا تتحملها
(مثل المسبك)، أما بالنسبة لسوء الهضم والانتفاخ، فيجب أن يمتنعوا فقط عن الأغذية التى قد تسبب
الانتفاخ… فمثلا لو كانت السبانخ تسبب متاعب لك ابتعد عنها، كما تنصح المرضى بتدوين أنواع
الأطعمة التى تسبب لهم متاعب، وبذلك يصلون إلى قائمة بالطعام المناسب والغير مناسب لهم.
أما عن الأطعمة التي قد تسبب الانتفاخ بالنسبة لمرضى الكبد فهى الحبوب، الكرنب، الفلفل الحلو
البصل، زعتر، عيش الغراب، الكرات، الكرنب، سلاطة البطاطس، البيض المسلوق كاملاً، الأكلات
المحمرة، والمدهنة والأكلات المدخنة، والشاى الثقيل أو القهوة الدوبل، والمكسرات “البندق ، اللوز
الجوز، عين الجمل” ، الكريمة، الفاكهة بالبذور “مثل العنب، الجوافة”.
وتشير الجمعية المصرية إلى أن علامات سوء التغذية لمريض الكبد تتمثل في نقص الوزن الظاهر، وزيادة
نسبة الدهون عن نسبة العضلات، وتورم القدم وانتفاخ بالبطن، وكذلك ضعف العضلات وضمورها
ويمكن ملاحظة ذلك فى عضلات الذراع والفخذ.
وعن دور البروتينات “اللحوم” بالنسبة لمرضى الكبد، تؤكد الجمعية أن البروتينات هى المفتاح للغذاء
الجيد لهؤلاء المرضى بصورة عامة ، وايضا هى الطريق لحدوث مضاعفات الكبد والمتعلقة بإلاضطرابات
العصبية فى الحالات المتقدمة .
فعندما يتناول الانسان اللحوم، يتم هضمها وامتصاص أصغر جزئياتها فى الدم فى صورة أحماض أمينية …
ولكن بعض البروتينات لا يتم امتصاصها وتتغذى عليها البكتريا التى تعيش فى داخل الأمعاء، وينتج
عن هذه البكتريا بعض السموم والتى يتم امتصاصها داخل الكبد، ناهيك عن تكسير البروتينات
وامتصاص مكونات التكسير مثل الأمونيا فى الدم وتذهب هذه المواد إلى مخ المريض وتسبب له
الاضطرابات العصبية .
ويجب أن نعرف أن البروتين يتكون من أحماض أمينية، ونحن نحتاج هذه الأحماض الأمينية لتكوين
العضلات وجسم الانسان نفسه “حتى نسيج الكبد” وهى أيضاً مهمة لتكوين الهرمونات والأنزيمات
التى يحتاجها الجسم للعمليات الحيوية المختلفة، ويجب أن نعرف أن البروتين يصعب تكوينه من
الدهون والكربوهيدرات .
ويعطى مريض الكبد والذى يشكو من أعراض عدم القدرة على التركيز والدوخة ورعشة فى اليد
حوالي 40 جم بروتين فى اليوم، ويستحب بين الحين والآخر زيادتها إلى 60جم فى اليوم، ويجب
منع البروتينات نهائياً فى حالات الغيبوبة الكبدية.. أما الانسان النباتى الذى لا يأكل اللحوم
ويعتمد على الغذاء النباتى “الخضار” يحصل على 30 جم بروتين فى اليوم على الأقل من الخضروات
وتنصح الجمعية مرضى الكبد بالامتناع عن ملح الطعام فى حالة تورم القدمين والاستسقاء بالبطن
ويجب أن يعلم المريض أن لتر من اللبن الحليب يحتوى على 102 جم ملح، وأيضا المياه المعدنية
تحتوى على ملح واستعمال الخضار والفاكهة يعطى غذاء قليل الملح .
وعن بدائل استعمال الملح، فينصح الأطباء باستعمال سلطة خضراء طازجة بدون إضافة ملح
واستعمال الفواكه الطازجة، والليمون والخل، والأعشاب والبهارات ،والثوم، والبصل، والطماطم
وكذلك الغذاء غير كامل الطهي “نئ × نئ”، واستعمال مستردة والجرجير والكرات، وايضا
يمكن استعمال بدائل الملح مثل كلوريد البوتاسيوم أو الملح الطبى.
منقول للفائدة
وقانا الله وإياكم من كل شر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق